قانون التعليم المدرسي الجديد 2025: إلزامية التمدرس و”الفرصة الثانية” — ماذا يعني لك كتلميذ بكالوريا؟

 يشهد الموسم الدراسي 2024–2025 مستجدات تشريعية بارزة في المغرب، بعد مصادقة مجلس الحكومة يوم 3 أبريل 2025 على مشروع القانون رقم 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي، ثم الشروع في مناقشته داخل البرلمان خلال شهر يونيو 2025. يهدف المشروع إلى تحصين الحق في التعليم، وتوسيع قاعدة الإلزامية، وتقوية آليات محاربة الهدر المدرسي عبر “التمدرس الاستدراكي” ومدارس الفرصة الثانية، إلى جانب ضبط علاقة الأسر بمؤسسات التعليم الخصوصي وتعزيز الحكامة والجودة. هذه التحولات لا تهم فقط المتعلمين في السلكين الابتدائي والإعدادي، بل تمتد آثارها نحو تلاميذ البكالوريا بما يواكب مسارهم من إعداد للامتحانات الوطنية والانتقال للتعليم العالي

في هذا المقال سنشرح ببساطة أهم ما ورد في المشروع، وكيف يمكن أن ينعكس على يومياتك كطالب بكالوريا: من تعاملك مع الغياب والانقطاع، إلى فرص الاندماج بعد التعثر، وصولاً إلى علاقتك بالمؤسسة (العمومية أو الخصوصية) وحقوقك/واجباتك.




أولاً: ما هو “قانون التعليم المدرسي الجديد” وما وضعه الحالي؟

  • الصفة القانونية الحالية: هو مشروع قانون (رقم 59.21) صادقت عليه الحكومة في 3 أبريل 2025، وشرع البرلمان في مناقشته خلال يونيو 2025 (قراءة أولى/لجنة التعليم والثقافة والاتصال). إلى حين استكمال مسطرة التشريع ونشره بالجريدة الرسمية، يبقى “مشروعاً” في طور المناقشة، لكن مضامينه تعكس اتجاه الإصلاح القادم.

  • بنيته ومجالاته: يتكوّن من 113 مادة موزعة على 10 أبواب، تغطي الولوج إلى التعليم، التنظيم البيداغوجي، التقييم والتمويل، التعليم الاستدراكي، والحوكمة، إضافة إلى التزامات مؤسسات التعليم الخصوصي.

الخلاصة: حتى وأنت في السنة الختامية من المسار المدرسي، يهمك فهم هذه المستجدات لأنها ترسم قواعد التعامل مع الانقطاع، الدعم الاجتماعي، العلاقة مع المؤسسات، ومسارات “الفرصة الثانية” التي قد تمس زملاءك أو إخوانك أو حتى خططك لو انقطعت مؤقتاً ثم رغبت في العودة.


ثانياً: إلزامية التمدرس… من أي سن ولمن؟

1) الإلزامية من 4 سنوات إلى 16 سنة

يقرّ المشروع أن التعليم المدرسي إلزامي للجميع — ذكوراً وإناثاً — من سن أربع (4) سنوات إلى ست عشرة (16) سنة، بما يشمل الأطفال في وضعية إعاقة أو وضعيات خاصة. هذا يعني أن الدولة والجماعات الترابية تلتزمان بتعبئة الوسائل اللازمة لضمان المقعد البيداغوجي والمتابعة حتى نهاية سلك التعليم الإلزامي (الابتدائي + الإعدادي).

معلومة مهمة: بعض التغطيات الصحفية أشارت إلى “4 إلى 18 سنة”، غير أن الصياغة الأكثر تداولاً في عروض الوزير والتقارير الإخبارية المفصلة تؤكد 4–16 سنة للتعليم الإلزامي، مع آليات مكمّلة للتوجيه أو التكوين المهني أو الاستدراكي بعد ذلك. اعتمدنا هذا الحد بناءً على المراجع الأكثر اتساقاً. 

2) التصريح المبكّر بالطفل ابتداءً من السنتين

يتضمن المشروع التزاماً على الأسر بالتصريح بأطفالهم لدى أقرب مؤسسة تعليمية مع بلوغ الطفل عامه الثاني، وتجديد التصريح سنوياً إلى حين تسجيله الفعلي في التعليم الإلزامي. الهدف هو تكوين قاعدة معطيات دقيقة لتوقع الحاجيات (الأقسام/المعلمون/الخدمات) والرصد المبكر للأطفال المهددين بالهدر المدرسي. 

ماذا يعني ذلك لك كتلميذ بكالوريا؟

  • الإطار العام يرسخ ثقافة الإلزام والمتابعة، ما يحدّ من تسرب التلاميذ في السنوات السابقة للبكالوريا ويؤثر إيجاباً على جودة الفصول التي تلتحق بها في الثانوي التأهيلي.

  • وجود سجل تتبّع مبكر وحقيقي يُمكّن من دعم الحالات الفردية (صحية، اجتماعية، تعلمية) قبل أن تتفاقم وتصل للثانوي. هذا ينعكس على محيطك الدراسي (انضباط، دعم نفسي/بيداغوجي أفضل).


ثالثاً: “التمدرس الاستدراكي” ومدارس الفرصة الثانية — باب العودة بعد الانقطاع

1) ما هو التعليم الاستدراكي؟

يعطي المشروع صبغة تنظيمية قوية للتعليم المدرسي الاستدراكي بوصفه مكوّناً من المنظومة، ويشمل: أقسام داخل مؤسسات عمومية أو مراكز “الفرصة الثانية – الجيل الجديد” بشراكات مع جمعيات مختصة. الغرض هو استقطاب المنقطعين وإعادتهم للدراسة أو تأهيلهم للاندماج المهني.

2) مستجدات عملية في 2025

  • أطلقت الوزارة طلبات عروض لتدبير “مدرسة الفرصة الثانية – الجيل الجديد” برسم ميزانية 2025، ووقّعت خلال يوليوز 2025 اتفاقيات مع جمعيات لتدبير هذه المراكز لفائدة آلاف المستفيدين (تربية ثانية، دعم لغوي/رقمي، مسارات تكوين مهني قصيرة).

  • تقارير إعلامية أبرزت أن هذه المدارس تستقبل عادة الشباب من 16 إلى 20 سنة، وتمنحهم إما جسراً للعودة للدراسة النظامية أو تكويناً قصد الاندماج المهني.

3) لماذا هذا مهم لتلميذ البكالوريا؟

  • لدى بعض زملائك أو معارفك انقطاعات سابقة؛ هذه المراكز تمنحهم فرصة حقيقية للعودة واستكمال المسار حتى إمكان الترشح حرّاً للبكالوريا لاحقاً.

  • تقليص الهدر يعني أقساماً أكثر انتظاماً، وأقل ازدحاماً، ومن ثم ظروف تعلم أفضل في جذوع ومسالك التأهيلي التي تؤهل للبكالوريا.


رابعاً: التزامات مؤسسات التعليم الخصوصي — شفافية وعقود واضحة

يشدد المشروع على مجموعة من الواجبات تجاه الأسر والمتعلمين:

  • عقود مكتوبة تُحدّد الرسوم والخدمات، ومنع الممارسات التعسفية (حجز الشواهد، فرض شراء الكتب داخل المؤسسة، غموض التأمين…).

  • التزامات تنظيمية وبيداغوجية قد تترتب عنها غرامات عند الإخلال.
    هذه البنود تستجيب لجدل متكرر سنوياً بين الأسر والمؤسسات، وتضع علاقة أكثر توازناً وشفافية. 

أثر ذلك على تلميذ البكالوريا: لو كنت في مؤسسة خصوصية، يصبح حقك في المعلومات حول الرسوم والخدمات محمياً بنص دقيق، ويُفترض ألا تُعطّل مسارك الإداري (انتقال/شهادات) بسبب نزاعات مالية. هذا يقلل التوتر في اللحظات الحاسمة قبيل الامتحان الوطني.


خامساً: نظام للرصد المبكر ودعم اجتماعي مباشر

1) الرصد المبكر للهدر المدرسي

من بين الملامح التي عُرضت داخل البرلمان: إحداث نظام للرصد المبكر للمهددين بالانقطاع، مع تعزيز المدارس الجماعاتية لتقريب التعلم من أسر الأطفال بالقرى. هذه الإجراءات تتلاقى مع خارطة الطريق 2022–2026 التي تراهن على الإنصاف وجودة التعلمات. 

2) دعم مالي مباشر للأسر المعوزة

يشير المشروع إلى دعم مالي مباشر للأسر الهشة لتشجيع تمدرس أبنائها، وهو ما يساعد على كسر دائرة الفقر–الهدر المدرسي. بالنسبة لك كتلميذ بكالوريا من أسرة معوزة، يمثل هذا درعاً اجتماعياً يخفف عبء التنقل واللوازم، ويمنح استقراراً نفسياً أكبر خلال فترة التحضير للامتحانات. 


سادساً: ماذا يتغير في يومياتك كتلميذ بكالوريا؟ خمس نقاط عملية

1) الغياب والانضباط

التشديد على الإلزامية والرصد يعني أن الغياب غير المبرر سيجد تتبّعاً ممنهجاً، مع تفعيل جسور الدعم بدل الاكتفاء بالعقاب. إذا واجهتك ظروف قاهرة (مرض/صعوبات نفسية/اجتماعية)، فالقنوات المؤسسية للدعم ستكون أوضح، خاصة في الثانوي التأهيلي. هذه الدينامية ترفع الانضباط داخل الأقسام، ما يحسن جودة التعلم والتمارين التطبيقية التي تحتاجها في البكالوريا.

2) الدعم والتوجيه المدرسي–المهني

يُصاغ المشروع بمنطق منظومة متكاملة: تعليم نظامي + استدراكي + تكوين مهني. عملياً، إن شعر تلميذ بكالوريا بأن مساره الدراسي لم يعد مناسباً، سيكون التوجيه نحو مسار تكويني خياراً مُنظّماً وليس انسحاباً من المدرسة. هذا يرفع من قيمة الاختيارات بعد البكالوريا (دراسات عليا/تكوين مهني عالي).

3) استقرار إداري في التعليم الخصوصي

إن كنت تدرس بمدرسة خاصة، فإن إلزامية العقود الواضحة والشفافية المالية تحدّ من النزاعات في نهاية السنة (تسليم شواهد، كشوف نقاط، انتقال…). هذا مهم جداً في فترة التسجيل لاجتياز الامتحان الوطني أو وضع ملفات ما بعد البكالوريا.

4) أثر غير مباشر على مواضيع الامتحان

القانون لا يغير الأطر المرجعية للبكالوريا مباشرة، لكنه يتكامل مع إصلاحات الجودة (تقويم، حكامة، دعم) التي تُترجم عادة إلى تنميط أفضل للخدمة التربوية، وتوازن بين المعارف والكفايات. النتيجة المتوقعة: فصول أكثر انتظاماً، ودعم للمتعثرين، مما ينعكس على تحضيرك للفهم العميق وحل المشكلات بدل الحفظ فقط.

5) “الفرصة الثانية” حياة جديدة بعد التعثر

لو تعرّض زميل لك للانقطاع ثم رغب في العودة لاحقاً، فوجود مراكز الفرصة الثانية بشراكات رسمية يجعل العودة ممكنة نحو الدراسة النظامية أو التكوين المهني، وقد ينتهي به المطاف مرشحاً حراً للبكالوريا. البيئة التي تُعيد إدماج المنقطعين تقلّل السلوكيات الهامشية حول المؤسسات وتحسّن المناخ المدرسي.


سابعاً: أسئلة شائعة لتلاميذ البكالوريا

س1: هل يؤثر القانون على امتحانات 2025 مباشرة؟

التغيير هنا تنظيمي–مؤسساتي أكثر منه تغييرات فورية في مواضيع الامتحان الوطني. أما مواضيع وتقويمات البكالوريا فتخضع لأطر مرجعية ومذكرات تنظيمية خاصة تصدرها الوزارة كل موسم. لكن تحسين الانضباط والرصد والدعم قد ينعكس على جودة التحضير داخل الأقسام.

س2: أنا في سن 18 وأستعد للبكالوريا—هل تلزمني أي بنود؟

الإلزامية القانونية للتسجيل تستهدف بشكل أساسي الشريحة 4–16. لكنك تستفيد من مناخ أكثر ضبطاً، ومن حُقوق أوضح مع المؤسسة، ومن برامج دعم اجتماعي أو بيداغوجي إن استوفيت الشروط. كما تبقى مسارات الاستدراك (إذا انقطعت ثم عدت) متاحة عبر مراكز الفرصة الثانية أو الترشح الحر.

س3: ماذا عن المؤسسات الخاصة ورسومها؟

المشروع يفرض عقوداً شفافة ويمنع ممارسات مثل حجز الشواهد أو فرض شراء الكتب داخلياً، مع آليات زجر عند المخالفة. هذا يحمي الأسر والمتعلمين ويقلل الارتباك الإداري في لحظات حساسة مثل إيداع ملفات البكالوريا

س4: هل يستفيد ذوو الإعاقة من ترتيبات خاصة؟

نعم، نصّ المشروع على أن الإلزامية تشمل الأطفال في وضعية إعاقة، مع التزام الدولة والجماعات بتعبئة الوسائل اللازمة لمواصلة التمدرس حتى نهاية الإعدادي، ما يدعم الدمج المدرسي وييسّر تكييف التعلم بحسب الحاجة.


ثامناً: كيف تستعد أنت—عملياً—في ظل هذه المستجدات؟

1) ركّز على ما تحت سيطرتك

  • الانضباط: التزم بالحضور والمراجعة المنتظمة؛ البيئة التنظيمية الجديدة تُكافئ الجدية بالمتابعة والدعم.

  • التواصل: إذا واجهتك صعوبات (نفسية/اجتماعية/تعلمية)، بادر بالتواصل مع الحراسة العامة/المستشار في التوجيه/الأستاذ الرئيس—فآليات الرصد المبكر والدعم أصبحت أوضح.

2) استثمر منصات الدعم المتاحة

  • في مؤسستك، تابع حصص الاستدراك والدعم التربوي إن وُفّرت.

  • اطلب الاستفادة من الإرشاد والتوجيه لاختيار مسارك ما بعد البكالوريا وفق ميولاتك وكفاياتك، فالمنظومة تتجه لربط التعليم بالتكوين والاندماج المهني.

3) اعرف حقوقك كمتعلم في مؤسسة خصوصية

  • تحقّق من العقد الموقّع بين ولي أمرك والمؤسسة: بنوده، رسومه، خدماته.

  • في حال أي نزاع (منع شواهد/نقل)، احفظ نسخ المراسلات، واطلب تسوية وفق القنوات الإدارية قبل الامتحانات بوقت كافٍ.

4) خطّة للطوارئ “إن تعثرت”

  • إن اضطررت للانقطاع مؤقتاً، استفسر مبكّراً عن مسارات الاستدراك القريبة (مراكز فرصة ثانية/برامج تأهيل) لتعود في أسرع وقت، أو لتتهيأ بشكل منظّم للترشح الحر للبكالوريا لاحقاً. 


تاسعاً: نظرة أوسع — لماذا يراهن القانون على الإلزامية والفرصة الثانية؟

  • محاربة الهدر المدرسي: الهدر يُضعف جودة الأقسام في الثانوي ويؤثر في التحصيل العام. الإلزامية + الرصد المبكر + دعم الأسر = مسار أكثر استقراراً حتى يصل جيل أكبر إلى عتبة البكالوريا. 

  • الإنصاف وتكافؤ الفرص: عندما تُحاصر أسباب الانقطاع (الفقر/البعد/الإعاقة)، تقترب جودة التعلم بين المدن والقرى—ما ينعكس على عدالة فرص النجاح في الامتحانات الوطنية.

  • رفع جودة التعلمات: أقسام أقل اكتظاظاً بمنقطعين أقل، مع مسارات توجيه مرنة، تعني وقتاً فعلياً أكبر للمهارات العليا (الفهم، التحليل، حل المشكلات) الضرورية لاجتياز الامتحان الوطني بثقة.


عاشراً: ملخّص تنفيذي للقراء على عجل

  • ما الجديد؟ مشروع قانون 59.21 (حكومي 3/4/2025؛ برلماني 6/2025) يعيد تنظيم التعليم المدرسي، ويجعل التمدرس إلزامياً من 4–16 سنة، مع تصريح عُمري مبكّر منذ سنتين، ويُقوّي التعليم الاستدراكي ومدارس الفرصة الثانية، ويضبط علاقة الأسر بمؤسسات الخصوصي. 

  • لماذا يهمك كتلميذ بكالوريا؟ بيئة أكثر انضباطاً ودعماً، شفافية إدارية، ومخارج منظمة عند التعثر (استدراك/تكوين)، ما ينعكس على تحضير أكثر جودة للامتحان الوطني.

  • ماذا تفعل الآن؟ احرص على الحضور والمراجعة، استخدم قنوات الدعم المدرسي، راجع عقد مؤسستك الخصوصية (إن وُجد)، وضع خطة طوارئ واقعية في حال التعثر المؤقت.


خاتمة

لا تُقاس الإصلاحات التعليمية فقط بسنّ القوانين، بل بما تتيحه من فرص ملموسة داخل القسم وفي حياة المتعلم. المشروع الجديد للتعليم المدرسي في المغرب يسير في اتجاه تحصين الحق في التعليم، وتوسيع الإلزامية، وتثبيت مسارات “الفرصة الثانية” حتى لا يتحول التعثر المؤقت إلى فشل دائم. بالنسبة لك كتلميذ بكالوريا، فالمغزى المباشر هو: بيئة تعلم أكثر استقراراً وعدلاً، وقنوات دعم أوضح وحقوق أكثر صلابة—وكلها عناصر تصنع فرقاً خلال سنة مصيرية مثل سنة البكالوريا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيفية إعداد الملخصات الدراسية الفعالة: دليل خطوة بخطوة لتلاميذ الباكلوريا في المغرب

أهمية التغذية الصحية وتأثيرها على التركيز أثناء الدراسة: دليل لتلاميذ البكالوريا في المغرب

تطوير مهارات الإلقاء والعرض التقديمي لتلاميذ البكالوريا: دليلك لتصبح متحدثاً واثقاً قادرًا على التأثير والإقناع